أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 24 ديسمبر 2021م : “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 20 جمادي الأولي 1443هـ – الموافق 24 ديسمبر 2021م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 ديسمبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي: “صفات المؤمنين في القرآن الكريم”.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 ديسمبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي : “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 ديسمبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي : “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة ، للدكتور محروس حفظي : “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” : كما يلي:

 

(1) التأثرُ بالقرآنِ الكريمِ أَخَصُّ صفاتِ عبادِ الله المؤمنين .

(2) القولُ المبينُ في بيانِ صفاتِ المؤمنينَ من خلالِ «سورةِ المؤمنون» .

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة ، للدكتور محروس حفظي : “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” : كما يلي:

 

خطبةٌ بعنوان «صفاتُ المؤمنينَ في القرآنِ الكريمِ»

الحمدُ للهِ حمداً يُوافِي نعمَهُ، ويكافىءُ مزيدَهُ، لكَ الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أما بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة:

(1) التأثرُ بالقرآنِ الكريمِ أَخَصُّ صفاتِ عبادِ الله المؤمنين: لقد أودعَ ربُّنَا في كتابِهِ كثيرًا من المواعِظِ والزواجِرِ التي تُلينُ القلوبَ، وتقشعرُ منها الأبدانُ، وتنجذبُ نحوهَا الأفئدةُ ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتابًا مُتَشابِهًا مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ﴾، وقد كان أسلوبُ وإعجازُ القرآنِ له عظيمُ الأثرِ حتى في نفوسِ المشركين وقتَ التنزيلِ حتى إنّ بعضَهُم يستمعُ إليه خِلسةً في الليلِ البهيمِ، ويعترفُ بأنَّه يَعلُو ولا يُعلَى، وكذا لما سمعَتْهُ الجنُ ﴿فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ﴾، ولذا كان التأثرُ به أَخَصَّ صفاتِ عبادِ اللهِ المؤمنين ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ ، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾، وقد كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحبُّ أنْ يسمعَهُ مِن غيرِهِ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعودٍ، قَالَ:«قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ: اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ‍ أَقْرَأُ عَلَيْكَ؟ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي، فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ رَفَعْتُ رَأْسِي، أَوْ غَمَزَنِي رَجُلٌ إِلَى جَنْبِي، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ» . (متفق عليه) .

لقد أخبرَ ربُّنَا في كتابهِ عن أثرِ القرآنِ على الجماداتِ فقال: ﴿لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾، فلا ريبَ أنّ تأثيرَهُ في قلوبِ المؤمنينَ التي هي أعظمُ من الحجارةِ سيكونُ أشدَّ وآكدَّ، فبالقرآنِ تُدفعُ النفوسُ إلى الخيرِ، وتُمْنَعُ عن الشرِّ، وبه يزادُ الإيمانُ، ويقربُ المسلمُ من الرحمنِ، ويَحيَي قلبُهُ من التخبطِ في الظلماتِ، وتُعَمَّرُ حياتُهُ بالباقياتِ الصالحاتِ، فما أحوجَنَا إلى التخلقِ بهذه الصفةِ خاصةً في عصرٍ طغتْ فيه المادةُ، فقستْ القلوبُ، وجمدتْ المشاعرُ، فليسارعْ المسلمُ إلى الاستمساكِ بهدي السماءِ وكلمةِ اللهِ إلى أهلِ الأرضِ ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾، مع التأكيدِ على قضيةِ الفقهِ والفهمِ لما يُتلَى من كتابِ اللهِ، فالعبرةُ ليستْ بما يُحفظُ بقدرِ ما يُطبقُ ويُعملُ بهِ، وكان هذا منهجَ الصحابةِ والسلفِ، قال سيدُنَا عمرُ: «كنَّا نحفظُ العشرَ آياتٍ فلا ننتقلُ إلى ما بعدهَا حتى نعملَ بهنَّ»، وقد مكثَ ابنُهُ عبدُ اللهِ على سورةِ البقرةِ ثماني سنينَ يتعلَمُهَا، وقال عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ: «إنّا صَعُبَ علينا حفظُ ألفاظِ القرآنِ، وسَهُلَ علينا العملُ به، وإنّ من بعدِنَا يسهلُ عليهم حفظُ القرآنِ، ويصعبُ عليهم العملُ به» .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة:

(2) القولُ المبينُ في بيانِ صفاتِ المؤمنين من خلالِ «سورةِ المؤمنون»: لقد سمَّى اللهُ سورةً في القرآنِ  باسمِ «سورةِ المؤمنون»، ذكرَ فيها ستَّ صفاتٍ مَن اتصفَ بها أفلحَ وحازَ السبقَ في الدنيا والآخرةِ ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ ، والملفتُ للنظرِ أنّ جميعَ الصفاتِ الستِّ قد جاءتْ بصيغةِ الجمعِ، وهذا يعطِيكَ دلالةً على مدى أهميةِ العلاقاتِ الاجتماعيةِ وأثرِهَا في تحقيقِ الأمنِ والاستقرارِ، كما أنّ التعبيرَ في الصفاتِ الستِّ قد جاء بصيغةِ الجملةِ الإسميةِ التي تفيدُ الاستمرارَ والدوامَ، وفي هذا حثٌ للمسلمِ أنْ يواظبَ على هذه الأخلاقِ بصفةٍ مستمرةٍ فلا تفارقهُ لحظةً أو فترةً من حياتهِ، ولذا كان من أخلاقِ رسولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما سُئِلَتْ عَائِشَةُ: «كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطِيعُ» . (متفق عليه) وقد جعلَ اللهُ ثوابَ مَن دوامَ على هذه الصفاتِ الخلودَ الأبديَّ في جنةِ الفردوسِ، لقد جمعتْ هذه السورةُ الكريمةُ عدةَ صفاتٍ ما أحوجَ المجتمعُ الإنسانيُّ إليها اليوم، وها أنا أشيرُ إليها في عُجالةٍ وإيجازٍ:

*الصفةُ الأولى والسادسةُ: الخشوعُ في الصلاةِ والمحافظةُ عليها: لقد مدحَ اللهُ هذه الصفةَ في كتابهِ فقال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ﴾، فالصلاةُ بلا خشوعٍ كالجسدِ بلا روحٍ، ولذا كان يدعو رسولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا» . (رواه مسلم) .

إنّ الإسلامَ لا يريدُ من المسلمِ أنْ يؤدِي الصلاةَ في شكلِ حركاتٍ وأقوالٍ وأفعالٍ دونَ أنْ ينعكسَ آثارُهَا على الفردِ والمجتمعِ، فما الفائدةُ من إنسانٍ يؤدي صلاتَهُ، لكنَّهُ في الوقتِ ذاتِهِ سليطُ اللسانِ، فاحشُ القولِ، سيءُ الطباعِ والأخلاقِ، غليظُ القلبِ، متكبرٌ متعالٍ، جافِي المعاملةِ، آكلٌ للحقوقِ، مضيعٌ لصلةِ الأرحامِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «قَالَ اللَّهُ: إِنَّمَا أَتَقَبَّلُ الصَّلَاةَ مِمَّنْ تَوَاضَعَ بِهَا لِعَظَمَتِي وَلَمْ يَسْتَطِلْ عَلَى خَلْقِي وَلَمْ يَبِتْ مُصِرًّا عَلَى مَعْصِيَتِي، وَقَطَعَ نَهَارَهُ فِي ذِكْرِي، وَرَحِمَ الْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالْأَرْمَلَةَ وَرَحِمَ الْمُصَابَ، ذَلِكَ نُورُهُ كَنُورِ الشَّمْسِ أَكَلَؤُهُ بِعِزَّتِي وَأَسْتَحْفِظُهُ مَلَائِكَتِي أَجْعَلُ لَهُ فِي الظُّلْمَةِ نُورًا وَفِي الْجَهَالَةِ حِلْمًا وَمَثَلُهُ فِي خَلْقِي كَمَثَلِ الْفِرْدَوْسِ فِي الْجَنَّةِ» . مجمع الزوائد وقال: «فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقَدٍ الْحَرَّانَيُّ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ: كَانَ يَتَحَرَّى الصِّدْقَ، وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ»)، وقد أشارَ القرآنُ إلى أنّ التواضعَ واللينَ من صفاتِ المؤمنين فقال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً﴾، فما أجملَ العبادةِ التى انضمَّ إليها حسنُ الأخلاقِ وطيبُ المعاملةِ .

*الصفةُ الثانيةُ: الإعراضُ عن اللغوِ: ثم تأتي الصفةُ الثانيةُ التي هي نتيجةٌ مترتبةٌ على الصفةِ الأولى وناتجةٌ عنها، كأنَّ الآيةَ تقولُ: إنّ مَن اعتادَ الخشوعَ في الصلاةِ، والتزمَ بأدائِهَا على الوجهِ المسنون، تجنبَ القولَ المذمومَ، فليقسْ المسلمُ مدى إقبالِهِ أو إعراضِهِ عن اللغوِ قولًا وفعلًا واستماعًا بهذه الصفةِ، ولذا يطلبُ القرآنُ من المؤمنِ أنْ يكونَ له موقفٌ واضحٌ وحاسمٌ عندَ سماعِهِ اللغوَ فقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾، فالالتزامّ بتلك الصفةِ يحلُّ الكثيرَ من الأخلاقِ السلبيةِ التي تنتشرُ في المجتمعاتِ خاصةً على مواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ، فاللغوُ لا يلتقي وشخصيةُ المؤمنِ، فهو ليس من صفاتِ المسلمين،  بل من صفاتِ الغافلينَ الجاهلينَ قال تعالى: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾، ولقبحِ اللغوِ وآثارِهِ لا تجد له مكاناً في جنةِ عدنٍ قال ربُّنَا: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا* لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلاَّ سَلامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا* تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا﴾ .

*الصفةُ الثالثةُ: فعلُ الزكاةِ: لقد جعلَ الإسلامَ المجتمعَ الإنسانيَّ كالأسرةِ الواحدةِ يكفلُ بعضُهُ بعضًا، بل هو كالجسدِ الواحدِ إذا اشتكى بعضُه اشتكى كلُّه، فمن حقِّ الفقيرِ الذي لا يجدُ ما يسدُّ به جوعَهُ أنْ يُعانَ، ويُشدَّ أزرُه، وليس من الإنسانيةِ أنْ يشبعَ بعضُ الخلقِ حتى يشكو السمنةَ والتخمةَ، وإلى جوارِه مَن طالَ جوعُهُ، وبانتْ مسألتُهُ، فالمؤمنُ لا يعيشُ في دائرةٍ منغلقةٍ على نفسهِ دونَ أنْ يحسَّ بالآخرين، ويتفاعلَ معهم، ويشاركَهُم حياتَهُم، وينبهُنَا السياقُ القرآنيُّ أنّ الإعراضَ عن إطعامِ الفقراءِ والمحتاجين موجبٌ لغضبِ ربِّ العالمين، وسببٌ في سلوكِ طريقِ الجحيمِ، فيقصُّ علينا مشهداً من مشاهدِ الآخرةِ فيقولُ: ﴿فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾، بل جعل ترك هذا من لوازم الكفر بالله، والتكذيب بيوم الدين فقال تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ﴾، فالزكاةُ لا تنحصرُ في واجبةِ الأداءِ، وإنّما هناك أنواعٌ كثيرةٌ، مع الالتزامِ بعدمِ الإسرافِ في الإنفاقِ بحيثُ لا يؤثرُ سلباً على معيشةِ الفردِ داخلَ أسرتِه كما قال اللهُ في صفاتِ عبادِ الرحمنِ ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً﴾

*الصفةُ الرابعةُ: حفظُ الفرجِ: الغريزةُ الجنسيةُ أقوى الغرائزِ وأعنفُهَا عندَ الإنسانِ وأكثرُهَا تمرداً، لذا أوجبَ دينُنَا على المسلمِ حفظَ الفرجِ، ووجهَهُ ليضعَهُ في نطاقِ الحلالِ، فجعلَهُ مقصورًا على الزواجِ الصحيحِ بل سبيلًا ينالُ به المسلمُ الأجرَ والثوابَ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» . (مسلم)، وفي سبيلِ المحافظةِ على الأعراضِ، وبقاءِ النسلِ البشريِّ حرمَ ربُّنَا الزنَا فيُخاطبُنَا بقولِه: ﴿وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً﴾، فنهانَا عن القربِ منه؛ لأنّ مَن اقتربَ منه يقعُ فيه غالبًا، فكلُّ قولٍ أو فعلٍ يؤدي إليه داخلٌ في النهي عنه، وهو ما يعرفُ في الشريعةِ ببابِ «سدِّ الذرائعِ»، كما حرم َاللهُ «اللواطَ، السحاقَ»، قال تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ﴾، بل مَن يفعلْ ذلك يكون قد خالفَ الفطرةَ السليمةَ، وجانبَ الطبيعةَ القويمةَ، ولذا وعدَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَن يحفظُ فرجَهُ بالجنةِ فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ضَمِنَ لِي مَا بَيْنَ لِحْيَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ» . (شعب الإيمان) .

*الصفةُ الخامسةُ: الأمانةُ: لفظُ الأمانةِ عامٌ يشملُ الأمانةَ الماديةَ مِن حفظِ الأموالِ والودائعِ، وأداءِ الحقوقِ والواجباتِ التي تتعلقُ بالخالقِ جلّ وعلا، والخلائقِ فيما بينَهُم، كما تشملُ الأشياءَ المعنويةَ، فالكلمةُ أمانةٌ، وحفظُ الأسرارِ أمانةٌ، وبذلُ النصيحةِ عندَ إبداءِ المشورةِ أمانةٌ، والإلتزامُ بالعهدِ أمانةٌ … الخ فمجالاتُهَا كثيرةٌ ومتنوعةٌ لا يحصِيهَا الحصرُ ولا تدخلُ تحتَ العدِّ .

نسألُ اللهَ أنْ يجعلَنَا مِن أهلِ القرآنِ،  وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يستعملَنَا في خدمةِ دينِنَا ووطنِنَا، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لما فيه نفعُ البلادِ والعبادِ .

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »